تحت ضغط الفقر والحاجة

 زواج القاصرات بين جهل الاباء وجشع الاثرياء



صباح الديوانية / عبد العزيز الناصري 


زواج القاصرات كان ولا يزال امراً مألوفاً في المجتمع العراقي، لا سيما المجتمع الديواني، فقد شهدت هذه الظاهرة اتساعا كبيرا ابان العقود الاخيرة من القرن الماضي ولا زالت سائدة حتى يومنا هذا .
فالبعض وتحت ضغط الفقر والحاجة يجد نفسه مضطراً لتزويج ابنته القاصر حتى في سن الثانية عشرة او الثالثة عشرة لرجل يرى فيه ثراءً وغنى بحجة انه يضمن حياة سعيدة لابنته بغض النظر عن سلوكه او عمره.
ولاجل ان نتعرف على هذا الزواج وسلبيات ومبررات خوف بعض الاباء التقت جريدة صباح الديوانية عدداً من المختصين في شأن المجتمع والمرأة.


عادات وتقاليد


المستشارة النفسية اتحاد حسين الغانمي مديرة دائرة رعاية شؤون المرأة قالت:
مما لا شك فيه ان المجتمع الديواني يخضع بشكل او بآخر الى منظومة عادات وتقاليد يعتبرها البعض ثوابت وقيماً لايمكن تجاوزها ولعل واحداً من هذه القيم والاعراف هو تحكم الاباء بمصير بناتهن لاسيما القاصرات منهن بحجة الحفاظ على سمعتهن ومستقبلهن.
واضافت الغانمي : هناك عدة عوامل انتجت هذه الظاهرة ، منها الفقر والعوز والخوف من الانحراف وحب السيطرة والتحكم بالأخرين ولعل الجهل والابتعاد عن قيم السماء المتمثلة بمبادئ الدين الحنيف من اهم عوامل رواج هكذا زواج.
واشارت : الى ان بعض الاباء يعتبرون الزواج المبكر صمام امان بالنسبة لمستقبل البنت ، يحميها من الانحراف والانجراف مع مغريات الحداثة والتطور متناسين نتائج هذا الزواج السلبية لكونه زواجاً غير متكافئ لا في العمر ولا في التفكير ولا في التطلعات المستقبلية مؤكدة ان الفتاة القاصر لا زالت تعيش احلام اليقظة تتطلع لاشياء ربما بعيدة المنال لكنها تطمح بالوصول اليها ولعل اكمال دارستها ونيل شهادة ما احدى رغباتها ، او انها ترسم ملامح عريسها القادم بعيداً عن ملامح زوج فرضته الظروف عليها.
واوضحت الغانمي : الى ان السبب الذي يدفع بعض الاباء لتزويج بناتهم بسن كهذه انما لانهم لايدركون ان حماية الفتاة تكمن في العلم والمعرفة فالفتاة المتعلمة تتوضح امامها معالم المستقبل وتستطيع حماية نفسها من ملمات الزمن الى جانب تسلحها بقيم السماء المتمثلة بالدين الحنيف يجعلها اشد قوة ودفاعا عن مستقبلها ومسار حياتها.

ضحية بريئة


فيما تحدثت هناء محمد التي تعمل موظفة واطلالة حزن قاتمة تخيم على ملامح وجهها :
ذكرتني بأبنتي( هدى ) تلك الضحية البريئة حينما اجبرها ابوها على الزواج من رجل يعيش في ريف احدى مدن الجنوب ويملك ثروة مواشي و يكبرها بخمسة وعشرين عاماً وهي كانت انذاك في الخامسة عشر من عمرها جعل الاب يذعن لاغراءاته المادية.
واضافت: لقد كانت تتصل بي بين حين وآخر وتحدثني عن حياتها البائسة مع هذا الزوج الذي يعيش الجهل حتى الثمالة ، ينظر لها وكأنها اداة من ادوات منزله.
اما ام ايمن (19 عاماً) روت حكايتها قائلة : زوجني ابي بالاكراه وانا في سن الخامسة عشر من عمري لان العريس كان ثرياً وقد اغرق ابي بالديون واضافت:
بعد الزواج علمت انه متزوج من فتاتين كل واحدة في بيت لكن ما جعلني افزع منه اكثر حين اكتشفت انه يبيع ويتعاطى المخدرات الى جانب كونه سادياً يتمتع بضربي وهذا كان مبرراً لي لان اشكوه الى الشرطة التي وجدت في بيوته الثلاثة حبوب المخدرات وممنوعات اخرى .
وتابعت : عدت الى بيت ابي وانا بقايا انسان ماتت بروحي كل احلام طفولتي وصباي وانتهت كل طموحاتي في الحياة.

وحشاً كاسراً

من جهتها عبرت الناشطة الاجتماعية ام سرمد عن رأيها قائلة : فقدت وردة كأجمل الورود صبية في ريعان الصبا ، جميلة كل الجمال ، لكنها ذبلة ويبس عودها بزواج مثل هذا الذي تتحدث عنه .
واضافت : لقد ارغمها ابوها على الزواج من رجل ثري متزوج وله اولاد لانه خصص لها بيتاً لوحدها .. واضافت: كان وحشاً كاسراً طالما تعود الى البيت هاربة منه وعلامات الضرب على جسدها ، لكن اباها يعيدها فوراً ، حتى حلت الكارثة ذات يوم عندما اخبرنا بان هدى وجدت مشنوقة في غرفتها بيدها ورقة كتب عليها ( هذا ما جناه ابي ).

انحسار كبير

المحامي احمد الشمري ادلى بدلوه قائلاً : ربما يظن البعض ان زواج القاصرات لا زال رائجاً هذه الايام والحقيقة انه يشهد انحساراً كبيراً بسبب الوعي الذي تنامى لدى فتيات اليوم .
واضاف : لكن الخطورة تكمن ان هناك فئات في مجتمعنا العراقي والديواني تحديداً لاسيما التي تسودها الاعراف القبلية والطابع الديني احياناً نجد في هكذا عوائل تجبر الفتاة على مثل هكذا زواج لكن سرعان ما ينتهي بالطلاق.
واشار الشمري الى ان هذا يزيد من نسبة الطلاق في المحافظة لكنني ارى ان الانفتاح الذي شهده مجتمعنا جعل الفتاة لها رأيها في اختيار من ثراه اهلاً لها ومتى تشاء.
هاشم الزاملي

بقلم : صباح الديوانية

جريدة صباح الديوانية جريدة عام تصدر عن شبكة الاعلام العراقي قسم الصحافة والنشر جريدة الصباح وتصدر في مدينة الديوانية..

فيديو اليوم

المشاركات الشائعة

جميع الحقوق محفوظة لدى جريدة صباح الديوانية إتفاقية الإستخدام سياسة الخصوصية